فتاوى اقتصادية للشيخ القرة داغي

الفرق بين الربا والشراء بالتقسيط

- السؤال: أنا متحير في التفريق بين الربا والبيع بدفعات إلى جانب الفائدة، ولأنني سأشتري شقة بنظام التقسيط بفائدة وعند التأخير في تسديد دفعة من الدفعات سيترتب على ذلك فائدة إضافية نظير تأخير السداد هل يعتبر ذلك من الربا؟

- الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد

فالربا هو إعطاء القروض المؤجلة بفائدة سواء كانت هذه الفائدة بنسبة من رأس المال أو محددة بمبلغ مقطوع فهذا هو ربا النسيء الذي حرمه القرآن الكريم حيث كان الجاهليون يعطون قروضا مؤجلة، أو يبيعون بضائع بأثمان مؤجلة ثم يزيدون على القرض نسبة من رأس المال أو مبلغا مقطوعا، فنزلت الآيات الكريمة في سورة البقرة فحرمت الربا حيث قال الله تعالى: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي

يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) البقرة 275

أما البيع فهو مقابلة بضاعة بنقد، أو ببضاعة أخرى، فالبيع عبارة عن المبادلة بين البضائع أو العقارات وبين النقود والدراهم، ولذلك حينما تكون المبادلة واردة على البضاعة فليس هناك مجال لربا النسيئة، إلا إذا كانت الأموال ربوية ، أما الربا فهو دفع النقود قرضا، على أن ترد هذه النقود مع الزيادة، ومن هنا فالقروض بالفوائد محرمة شرعا؛ لأنها ربا، أما البيع مع زيادة نسبة إلى الثمن وهو ما يسمى بالمرابحة فهو جائز لأن البائع باع بضاعة بنقد محدد، ولكنه أجل الثمن وأدخل ضمن الثمن ربحه، الذي يريد أن يحققه وحينئذ لا ينطبق عليه وصف الربا المحرم ، إضافة إلى أن البيع يحقق مقاصد الشريعة الإسلامية في التوجه نحو التبادل بين السلع والبضائع وليس بين النقود؛ لأن النقود في نظر الشريعة وسيلة وليست سلعة على عكس الاقتصاد الرأسمالي الذي يجعل النقود أيضا سلعة، فبداية العملية قرض بفائدة، ولذلك حينما يتأخر يأخذ البنك عليه فوائده المنصوص عليها في العقد، أما لو كان العقد قائما على البيع فإن الثمن المتفق عليه لا يجوز الزيادة عليه لأجل التأخير، وخاصة إذا كان التأخير بسبب الصعوبة المالية كما قال الله تعالى )وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ) البقرة 280

والله أعلم

الفرق بين المرابحة والمشاركة والمضاربة

- السؤال: أود أن أعرف ما الفرق بين المرابحة والمشاركة والمضاربة؟ وجزاكم الله خيرا...

- الإجابة:

بسم الله ، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

المرابحة نوعان:المرابحة العادية، والمرابحة للأمر بالشراء التي تجريها البنوك الإسلامية. فالنوع الأول هو عبارة عن أن يكون لدى التاجر بضاعة فيأتي شخص إليه فيقول: أريد أن أشتري هذه البضاعة بالثمن نفسه الذي اشتريتها به مع ربح 10% مثلا، فيوافق التاجر على ذلك، فهذه المرابحة العادية التي تكون البضاعة جاهزة عند التاجر ويبيعها بالثمن الذي قامت عليه البضاعة مع ربح معلوم، وهذه المرابحة جائزة بالإجماع ولا خلاف ولا شبهة فيها، وهي كانت موجودة منذ عصر الرسول (صلى الله عليه وسلم).

أما النوع الثاني، أي المرابحة للأمر بالشراء، فهي تتكون من الخطوات التالية:

1) يأتي العميل ويطلب من البنك أن يشتري له سيارة أو بضاعة، ويتعهد بأنه في حالة تنفيذ البنك هذه العملية أنه سيشتريها.

2) يقوم البنك بشراء تلك البضاعة أو السيارة وتقبضها وتدخل في ملكية البنك.

3) ثم يقوم البنك ببيع تلك البضاعة أو السيارة للعميل الآمر بالشراء بالثمن ونسبة ربح معلوم، فلنفرض أن البنك قد اشترى سيارة 100ألف فيبيعها له 110 الآف مقسطة على أقساط شهرية أو نحو ذلك.

فهذا النوع من المرابحات جائز أيضا، عند جمهور الفقهاء المعاصرين؛ لأنه عقد مشروع ليس فيه محظور شرعي إذا توافرت الشروط المطلوبة.

أما المشاركة:فهي عبارة عن مشاركة شخصين أو أكثر بأموال متساوية أو مختلفة على أن يكون الربح حسب المال عند الشافعية والمالكية أو حسب الاتفاق عند الحنفية والحنابلة، ويكون للشركاء الحق في الإدارة، كما أن لبعضهم الحق في التنازل عن الإدارة والاكتفاء بالشراكة المالية فقط.

وللمشاركة أنواع كثيرة ليس هذا مجال بحثها، ويمكن الرجوع إلى بعض الكتب التي تم تألفيها في هذا المجال، منها "فقه الشركات" للدكتور الخياط.

أما المضاربة:فهي مشاركة بين العمل والمال، يكون المال من طرف والعمل والخبرة من الطرف الثاني، على أن يكون الربح بينهما حسب الاتفاق، وصاحب المال في المضاربة ليس له الحق في التدخل ولكن له الحق في فرض شروط ملائمة أو مناسبة للعقد هي جائزة بالاتفاق، والله أعلم.

قبول التبرعات من البنوك الربوية

- السؤال: هل يجوز أخذ التبرعات من البنوك الربوية لدعم المشاريع التنموية الخيرية؟

- الإجابة:

بسم الله،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:-

فلا مانع شرعا من أخذ التبرعات من البنوك الربوية لدعم المشاريع التنموية والخيرية ، بل يجوز صرف هذه التبرعات في جميع أوجه الخير ما عدا شراء المصاحف وبناء المساجد، وقد صدر قرار من مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي بضرورة صرف الفوائد الربوية في وجوه الخير.

فذمة البنوك والمتعاملين بالفوائد الربوية وإن كانت ذمة أصابها الحرام ولكن هذه الأموال حينما يتبرع بها أصحابها فقد تغيرت اليد والذمة، استئناسا لما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم للسيدة بريرة حينما قدمت للنبي صلى الله عليه وسلم، فقالت عائشة: إنها من الصدقات، منبهة الرسول صلى الله عليه وسلم على أن هذا اللحم من الصدقات والرسول صلى الله عليه وسلم لا يأكل من الصدقات ، فرد الرسول صلى الله عليه وسلم على ذلك بقوله: "إنها عليها صدقة ولنا هدية".

ونص الحديث كما في البخاري من حديث أنس {أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بلحم، تصدق به على بريرة، فقال: (هو عليها صدقة، وهو لنا هدية).)

وبالتالي: فهذه الأموال حتى لو كانت محرمة فإنها محرمة على أصحابها، وحينما يتبرع بها هؤلاء الأشخاص فإن المتبرع له يجوز له أن يتسلمها ويصرفها في وجوه الخير.

والله أعلم .

قروض ربوية لتشغيل الشباب العاطل

- السؤال: ماحكم الفوائد التي تأخذها البنوك على القروض التي تمنحها في إطار مشروع قامت به الدولة لتشغيل الشباب العاطل، بحيث يتم تمويل أي مشروع على النحو التالي 10 % دفع شخصي، 20 % قرض من الدولة بدون فوائد، 70 % قرض من البنك بفائدة 4 % و شكرًا.

- الإجابة:

بسم الله ؛ والحمد لله ؛ والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:ـ

الفوائد على القروض سواء أكانت من الدولة أم للدولة محرمة، ولكن يمكن للسائل الكريم أن يستفيد من القروض التي تمنح دون فائدة، كما أنه يمكن أن يعرض على الدولة مشروع الاستصناع أو المرابحة، حيث يحققان الغرض المنشود للدولة من تحقيق النماء والتنمية وأخذ جزء من الأرباح، أما إذا كان عن طريق القرض بفائدة محددة فهو غير جائز شرعًا، وأما لو كانت الدولة تعطي قروضًا وتأخذ نسبة في مقابل الأمور والإجراءات الإدارية، فهذا يمكن التسامح فيه؛ مثل أن تقوم الدولة بإقراض لمثل هذه المشاريع وتشترط نسبة 1% أو 2% في مقابل الخدمات والمصاريف الإدارية وليس أكثر من ذلك فهذا جائز مادامت هذه الزيادة في مقابل المصاريف والأعباء الإدارية ؛وليست في مقابل القروض؛ وذلك لأن الحديث النبوي الشريف جعل أي زيادة على القرض فائدة وربًا محرمًا، حيث قال الرسول(صلى الله عليه وسلم) : (من زاد أو استزاد فقد أربى).

والله أعلم

بيع ما لا يملك

- السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فضيلة الشيخ إنني أعمل في مؤسسة تجارية، وهناك بعض البضائع لا تكون موجودة بالمؤسسة بسبب ارتفاع أسعارها، فإذا جاء الزبون اتفقت معه على سعرها، ثم أقبض ثمنها كاملا وأطلبها من مؤسسة أخرى، فما حكم ذلك؟ وجزاكم الله خيرا.

- الإجابة:

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

هذه الطريقة المشروحة في السؤال غير جائزة؛ لأنها تدخل في باب بيع ما لا يملك، وقد نهى الرسول (صلى الله عليه وسلم) عن بيع ما لا يملك، حيث قال لحكيم بن حزام: "لاتبع ما ليس عندك".

أما الطريقة الصحيحة فهي كالأتي:

1: أن تأخذ وعدا ملزما من العميل بشراء البضاعة المطلوبة، ولا مانع من أن تأخذ منه مبلغا من المال ليس باسم الثمن، وإنما من باب ضمان الجدية، كما هو الحال في البنوك الإسلامية.

2: ثم تذهب إلى السوق فتشتري البضاعة.

3: ثم تبيع هذه البضاعة بالربح المتفق عليه للعميل؛ فبهذه الخطوات، يجوز إتمام العملية، المسؤول عنها.

والله أعلم.

الاستثمار في بنوك الغرب

- السؤال: بسم الله الرحمن الرحيم

في هذه الأيام التي تتبجح فيها أمريكا، وتمد اليهود بكل السلاح الذي تقتل به الفلسطينيين العزَّل؛ يضع أثرياء العرب أموالهم في بنوك أمريكا، لا نقول بالملايين بل بالمليارات بل إن أحدهم يضع أكثر من عشر مليارات في بنوكهم.

وهذا فضلا عن استثمار الأموال في البنوك الربوية، إلا أن الأمر أخطر من ذلك حيث يترتب على هذا الاستثمار كسر لشوكة المسلمين، وتقوية لشوكة أهل الكفر وإمدادهم بالسلاح والمال الذي يستعينون به على قتل أهل التوحيد. فنرجو من فضيلتك توضيح حكم الشرع في هذه المسألة، ونرجو توضيح خطورة هذا الأمر ومدى تأثيره على المسلمين؟

أفيدونا مأجورين .

- الإجابة:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله، والصلاة والسلام على رسول الله

من المعلوم في الدين: أن الأمور بمقاصدها ونتائجها. وبما أن وضع هذه الأموال في البنوك الأمريكية، يؤدي إلى تقوية شوكة أمريكا التي تقف بكل قوتها المعنوية والمادية والسياسية والاقتصادية خلف إسرائيل؛ فإن هذا العمل محرم شرعا، لعدة اعتبارات:

أولها: وضعها في البنوك الربوية، وهذا غير جائز حتى في البلاد الإسلامية.

ثانيها: أن معظم البنوك في أمريكا يمتلكها اليهود، أو لهم نصيب كبير فيها، ومن هنا: فليست هذه الاستفادة لأمريكا فقط، وإنما لليهود مباشرة الذين يدعمون إسرائيل، وتقف إسرائيل على هذه الأموال التي تأتي من الجالية اليهودية في أمريكا وغيرها، وهذه الجالية هي التي تكون اللوبي الصهيوني من خلال أموالها وإعلامها، فيضغط على الساسة الأمريكان بأن يقفوا مع اليهود بكل قوتهم.

ثالثها: أن هذه الأموال حسب معلوماتنا كبيرة جدا، حيث تشير بعض الإحصائيات إلى أنها تصل إلى ثمانمئة وسبعين مليارا (870)، وبعضها تشير إلى أنها تزيد على تريليون دولار، وهذه تعطى بفائدة ربوية قليلة، قد تكون في بعض الأحيان في حدود 1.5 %، ثم تستفيد الجهات المالية اليهودية وغيرها من هذه الأموال، فتعيد هذه الأموال إلى الدول الإسلامية على شكل قروض بفوائد تصل نسبتها في بعض الأحيان إلى 17%، وهذا الفارق الذي يزيد على خمسة عشر في المئة (15%) يدخل في جيوب الصهاينة والأمريكان ونحوهم.

فلننظر إلى هذا الغباء الذي أصاب هؤلاء المستثمرين العرب والمسلمين، ولو استثمرت هذه الأموال في البلاد الإسلامية لأدت إلى تنميتها تنمية شاملة، فقد احتاجت ـ في أواسط السبعينات من القرن السابق ـ السودان إلى خمسة عشر مليارا للتحول إلى سلة غذائية لكل العرب، فلم تعط الدول الإسلامية والعربية هذا المبلغ لها، في حين أن كل هذه المليارات تودع في البنوك الربوية.

ومن جانب آخر: فإن هذه الأموال في حقيقتها لا يملكها أصحابها فهي مقيدة بموافقة الدول الكبرى، حيث نجد أن بعض الدول العربية تحتاج إلى استرداد أموالها ولكنها لا تتمكن من ذلك ، كما أن أمريكا لو أرادت بجرة قلم تجميد كل هذه الأموال لفعلت، ناهيك عن مخاطر التضخم أو انهيار العملة الأمريكية، وبالتالي ذهاب كل هذه الأموال سدى وهباء منثورا، ومع كل هذه المخاطر هؤلاء لا يتعظون فيبقون أموالهم في الخارج.

وقد أعجبني موقف أحد الحكام العرب؛ بعد انهيار بنك الاعتماد والتجارة، قال: علينا أن نعيد أموالنا إلى داخل بلادنا، فأعطى هذه الأموال فعلا للمواطنين، وشجعهم على بناء العمارات والأبراج، فتحولت هذه الدولة إلى مدينة عامرة عمرت وزادت تنميتها، واستفاد منها المواطنون والمقيمون.

والله أعلم.

العمل في البنوك والمؤسسات التي تتعامل بالرب

- السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، كثر الحديث هذه الأيام حول العمل بالبنوك والشركات التي تتعامل بالربا، فما حكم الدين في العمل في هذه الأماكن مع عدم التعامل الشخصي في الربا (أي لا أقترض أو أقُرض بالربا)، خصوصاً بالنسبة لخريجي كليات التجارة في ظل نظم ربوية يصعب تغييرها؟ وشكراً جزيلاً.

- الإجابة:

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

الأصل أن لا يتعامل الإنسان المسلم الحريص على دينه في البنوك الربوية؛ تطبيقا لقول النبي (صلى الله عليه وسلم): لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، وقال هم سواء" ولكن بعض العلماء المعاصرين منهم فضيلة الشيخ القرضاوي أجاز العمل في مثل هذه البنوك في الحالات التالية:

1) أن لا يجد الإنسان عملا مناسبا بسبب تخصصه إلا في مثل هذه المؤسسات المالية، وحينئذ يجوز له أن يتعين فيها، ثم إذا وجد فرصة يتركها ليعمل في مجال آخر، مشروع.

2) أن يدخل الإنسان في مثل هذه المؤسسات لكسب خبرة لا يجدها في المؤسسات الأخرى، فيتعين فيها حتى يكتسب هذه الخبرات، ثم بعد ذلك يسعى جاهدا للانتقال للمؤسسات الإسلامية أو الأعمال الحرة حتى يطبق ما اكتسبه من هذه الخبرات، والله أعلم.

بيع الدين بالدين

- السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

فضيلة الشيخ: لقد قرأت من قبل حديثا يفيد نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الدين بالدين؛ فما هي التطبيقات المعاصرة لهذه الصورة من المعاملات حتى نتجنبها؟

وجزاكم الله خيرا

- الإجابة:

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

الحديث الوارد في هذا الخصوص هو "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الكالئ بالكالئ، والكالئ هو الدين، ولكن هذا الحديث ضعيف جدا لا ينهض حجة على التحريم أو إثبات الحكم الشرعي؛ فلذلك اعتمد العلماء على الإجماع في هذا المجال، والإجماع إنما هو وارد في نوع واحد وهو بيع الدين النسيء، أي المتأخر بالدين المتأخر، فهذا عليه الإجماع كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية.

وهناك تطبيقات كثيرة في بيع الديون في عالمنا المعاصر، بل كثير من المعاملات بين البنوك والدول تقوم على أساس بيع الديون، وهناك بعض تطبيقات صحيحة وجائزة لبيع الديون منها بيع الدين بالعين، وهناك تفصيلات كثيرة لبيع الديون، وهي معروضة الآن على دورة مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي، والله أعلم.

السحب على شهادات الإستثمار

- السؤال: شهادة استثمار بمبلغ 100جنيه تداول في أحد البنوك، تصرف بعد 5 سنوات بفائدة قدرها 16%، ولكن الأهم من ذلك أنه سوف يجرى السحب عليها لتكسب مليون جنيه. أرجو من سيادتكم الفتوى بخصوص مثل هذه الشهادات التي يجري السحب عليها لتكسب مبالغ هائلة، هل هي حرام أم لا؟ ولماذا؟ وتفضلوا بقبول وافر الاحترام.

- الإجابة:

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

شهادات الاستثمار التي تصدرها بعض البنوك هي عبارة عن سندات دين بفائدة قد تختلف من فئة إلى فئة أخرى، فهناك شهادات استثمار فئة "أ" التي تكون فائدتها نسبة مئوية تصرف في آخر السنة؛ فهذه محرمة بإجماع المجامع الفقهية والعلماء الثقات، وهناك شهادات استثمار فئة "ب" وهي لها فوائد محددة تصرف كل ستة أشهر أو كل ثلاث أشهر أو كل شهر، فهذه الشهادات في حقيقتها سندات بفائدة وهي محرمة، ولا يؤثر في حكمها الشرعي أنها تسمى بشهادات الاستثمار؛ لأنها ليست استثمارية وإنما قروض مضمونة مع فائدة مضمونة.

والاستثمار الإسلامي ليس فيه ما يجيز ضمان رأس المال وضمان نسبة من الفائدة، فهذا هو عين الربا الجاهلي الذي حرمه الله سبحانه وتعالى، ولا يتغير الحكم الشرعي بالأسماء مادامت الحقائق واحدة فقد قال فقهاؤنا: العبرة في العقود بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني.

وهناك نوع آخر من شهادات الاستثمار تسمى شهادات استثمار فئة"ج " وهي ذات جوائز مشروطة، فهذا النوع وإن لم يكن فيه فائدة محددة، ولكنه يتضمن اشتراط جائزة لهذا النوع فدخل في القاعدة الفقهية المأثورة التي تقول" كل قرض جر منفعة فهو ربا"، والله أعلم.

بدائل القروض الربوية

- السؤال: السلام عليكم ورحمة الله، فضيلة الشيخ، ما هي الحلول العملية التي تقترحونها كبديل للقروض الربوية؟ أفيدونا مأجورين.

- الإجابة:

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

هناك بدائل كثيرة للقروض الربوية، منها عقود المرابحة والمشاركة والمضاربة والاستصناع والسلم، وغير ذلك من عقود.

ومن المعلوم أن الله سبحانه وتعالى ما حرّم شيئا إلا وأجاز عدة بدائل، حتى يكون حجة علينا، عندما لا نطبق شرع الله سبحانه وتعالى، والله أعلم.

التعامل بالدولار الأمريكي

- السؤال: لماذا يربط العرب والمسلمون مصير أممهم بالدولار الأمريكي؟ ألا يمكن التحول إلى عملة أخرى أو التعامل بالدينار الإسلامي مثلا؟.

- الإجابة:

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

ارتباط العالم الإسلامي بالدولار يأتي من باب التبعية، كما أن ذلك يخدم الاقتصاد الأمريكي خدمة عظيمة لا تقدر بثمن، وعلى سبيل المثال لو نظرنا أن بترول العرب فقط يتم تداوله بالدولار كم تجني أمريكا من خلال ذلك من الفوائد.

كما أن الاقتصاديات العالم الإسلامي في معظمها مرتبطة بالدولار الأمريكي، ويترتب على ذلك أنه قد يكون اقتصاد الدولة الإسلامية قويا، ولكنه مرتبط بالدولار، فينال نقودها أي الدولة الإسلامية ما نال الدول من تضخم أو انكماش.

فنحن جميعا نتمنى ذلك اليوم الذي يصبح العالم الإسلامي عالما واحدا له سياسته الاقتصادية، بل يكون له إستراتيجيته الاقتصادية، كما يكون له إستراتيجيته السياسية،

والله أعلم.

التمويل من بنوك ربوية

- السؤال: بداية نحن نعمل في مجال التجارة (الملابس الجاهزة) ولدينا عدة فروع، وأحوال السوق تتراوح بين المد والجزر، ويجب علينا توفير عدة أصناف للمستهلكين، والأوضاع الاقتصادية العالمية تمر بأوقات كساد وركود، وهو ما يترتب عليه أخذ تسهيلات مالية من البنوك، وتكون في معظم الأحيان حساباتنا مكشوفة بفوائد بنكية من المصارف الربوية، أسئلتنا إلى فضيلتكم كالتالي :

نحن بصدد تنويع نشاطنا التجاري والذي نرى أنه بإذن الله سيكون دعما لسداد ديوننا وتخليصنا من الفوائد البنكية، ولكن يحتاج هذا النشاط الجديد لتمويل مالي، فهل يمكن استخدام البنوك الربوية أو الإسلامية لتمويل هذا المشروع؟ علما بأنه حتى لو كان التمويل من البنوك الإسلامية فسوف نضطر لتسديدها من البنوك الربوية (نحن بحمد الله نحاول جاهدين التخلص من البنوك الربوية، ولكن تسهيلاتنا مع البنوك الإسلامية لا تفي بجميع متطلباتنا وهو ما يدفعنا للتعامل مع بعض البنوك الربوية.

هل يجوز الأخذ بفتوى الشيخ سيد طنطاوي شيخ الأزهر فيما يتعلق بفوائد البنوك الربوية ومعاملاتها؟؟

كما نسألكم بالدعاء لنا بالرزق الحلال وتطهير أموالنا من الربا والله يحفظكم ويثيبكم على جهودكم المخلصة لخدمة الإسلام والمسلمين إنه سميع مجيب . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

- الإجابة:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وصحبه ومن تبع هداه وبعد

فسؤالك يتضمن مجموعة من الأسئلة أولها كشف الحساب في البنوك الربوية وهذا بالتأكيد يكون بفائدة وهذا حرام، فيجب على الأخ السائل أن يبتعد عما يؤدي إلى كشف الحساب بفائدة.

أما عن سؤال عن التمويل إذا كان عن طريق البنك الإسلامي مرابحة أو مشاركة أو مضاربة فهو جائز شرعا، أما التمويل عن طريق البنوك الربوية سواء كان بطريق مباشر أو غير مباشر فهو غير جائز، لأنه يتضمن فائدة ونسبة محددة من القرض الممول.

أما الأخذ بفتوى الشيخ طنطاوي فغير جائز لأنه مخالف لجميع قرارات المجامع الفقهية طوال أربعين سنة بدءا من قرار مجمع البحوث الإسلامية للأزهر الشريف عام 1964م ثم بقرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي الذي حضره أكثر من مائة وأربعين فقيها واقتصاديا وقرار المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي، وهيئة كبار العلماء في السعودية، ثم جميع العلماء الثقات الذين اشتهروا بالفقه والاستقامة.

___________

- المصدر: شبكة إسلام أونلاين نت.

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة © الماسة