أمير الشام عماد الدين رائد الجهاد الإسلامى ضد الصليبين

image

الحملة الصليبة الأولى

مقدمة :

مفكرة الإسلام: عندما يحيى الإنسان لهدف ما يجعله نصب عينيه بحيث لا يرى غيره ولا يعمل إلا لتحقيقه ولا يفكر فى سواه، يدندن حوله ليل نهار، يسعى للوصول إليه بكل السبل، فإن هذا الإنسان مهما كان حاله يستحق الإعجاب والثناء والتقدير، كيف إذا كان هذا الهدف هو الدفاع عن الأمة الإسلامية وإنقاذ المقدسات الأسيرة وتحرير الأراضى المحتلة، كيف وإذا كان الساعى لتحقيق هذا الهدف السامى هو أول من سعى لتحقيقه ؟ وكيف إذا كان معظم من حوله أو حتى كلهم يعمل ضده ويعيقه فى هذا السعى الحميد ؟ فهو كالمغرد والطائر وحده فى سماء مليئة بالغيوم والكواسر، وبطلنا الذى سنسرد سيرته هو رائد الجهاد الإسلامى ضد الوجود الصليبى بالشام بعد أن ظن الجميع أنهم لن يخرجوا أبداً من بلاد الإسلام، هذا البطل الذى كسر أسطورة الصليبيين الذين لا يقهرون هو البطل العظيم عماد الدين زنكى .

البطل بن البطل

كان من النتائج الطيبة لإهتمام الوزير العظيم 'نظام الملك' بالعلم والمدارس وأهل الصلاح خلال وزارته لسلاطين السلاجقة العظام ألب أرسلان وولده ملكشاه، وحرصه على إستعمال الأكفاء وأصحاب الديانة فى المناصب الهامة والقيادية، أن سطح نجم العديد من الرجال والأبطال على مستوى عال من الكفاءة والمسئولية وكان لهم الأثر العظيم فى حفظ بلاد الإسلام، من هؤلاء القائد 'آق سنقر بن عبد الله التركى' الملقب بقسيم الدولة وكان له مكانة عظيمة عند السلطان ملكشاه السلجوقى حتى أنه قد جعله والياً على حلب، وقد قتل هذا القائد فى دفاعه عن الدولة السلجوقية ضد الخارجين عليها ولم يترك وراءه سوى ولد صغير فى العشرة من العمر هو بطلنا الفذ ورائد الجهاد ضد الصليبيين عماد الدين زنكى .

*تولى الأمير كربوقا أمير الموصل تربية عماد الدين زنكى وتعهده بالعناية والرعاية وتعليمه فنون الفروسية والقيادة والقتال، ثم انتقل عماد الدين بعد ذلك للعمل فى شحنة بغداد بعد أن أبان عن فروسية وذكاء وصلاح، وترقى فى سلك الجندية حتى صار مقدم عساكر مدينة واسط ثم ظهرت كفاءته القتالية سنة 517 في قتاله مع الخليفة العباسى المسترشد بالله ضد أحد الثوار الشيعة واسمه 'دبيس بن صدفة' مما جعل السلطان السلجوقى محمود يرقيه ليصبح قائد شحنة بغداد سنة 521 هجرية ويعطيه لقب الأتابك أى مربى الأمير، ذلك لأنه توسم فيه الخير والصلاح والنجابة، فعهد إليه بتربية ولديه ألب أرسلان وفروخ شاه .

من قيادة إلى ولاية

بعد أن أصبح عماد الدين زنكى قائداً لشحنة 'شرطة' بغداد، حدث تغير كبير فى مجرى الأحداث فى منطقة الشام الملتهبة حيث توفى أمير الموصل عز الدين مسعود، وحاول بعض المنتفعين توليه ولده الصغير مكانه، ولكن قاضى الموصل بهاء الدين الشهرزورى ذهب إلى السلطان محمود وطلب منه تعيين أمير قوى وكفء للموصل التى على حدود الشام حيث الوجود الصليبى الكثيف فى سواحل الشام منذ ثلاثين سنة والذى أسفر عن قيام أربع ممالك صليبية [أنطاكية ـ الرها ـ طرابلس ـ بيت المقدس] .

بعد تفكير سريع وإمعان نظر عميق قرر السلطان محمود أن يسند ولاية الموصل وأعمالها إلى بطلنا عماد الدين زنكى، الذى لم يجد السلطان محمود أفضل منه لهذه المهمة، وكانت هذه الولاية سنة 521 هجرية أى بعد شهور من قيادته لشحنة بغداد، وكان هذا التاريخ إيذاناً بعهد جديد فى الصراع ضد الصليبيين وفاتحة خير على الأمة كلها .

الأوضاع على الجبهة الشامية

عندما تولى عماد الدين زنكى الموصل تسنى له أن يرى الأوضاع على الجبهة الشامية عن قرب حيث كانت الصورة قاتمة فالصليبيون قد احتلوا معظم سواحل الشام وأقاموا أربع إمارات صليبية بالشام والجزيرة، أما المدن والحصون التى تحت حكم المسلمين فهى تعانى من الفرقة والإختلاف والتنافر وربما التقاتل فيما بينها، فكل وال على مدينة يتعامل فيها كأنه ملك مستقل عن سائر البلاد، وأغلبهم بل كلهم يتقى شر الصليبيين ويتحاشى الصدام معهم خوفاً على ضياع ملكه وانهدام دنياه، وهذا الخذلان من ولاة الأمصار سهل للصليبيين مهمتهم وجعل وجودهم فى الشام يترسخ شيئاً فشيئاً .

أضف إلى ذلك أن الأمصار الإسلامية كلها تقريباً كانت فى حالة فوضى واضطراب، فالخلاف على أشده بين أمراء البيت السلجوقى بعضهم بعضاً، كذلك الخلاف بين السلطان مسعود السلجوقى والخليفة العباسى المسترشد بالله على أشده .

ومن خلال النظر فى هذه الأوضاع كلها قرر عماد الدين زنكى أخذ زمام المبادرة والقيام بعمل لم يسبقه فيه أحد ووضع نصب عينيه هدفاً عظيماً طالما حلم المسلمون بتحقيقه ولكن يتعد نطاقه الأحلام إلى الحقيقة، قرر البطل تحرير بلاد الشام من الوجود الصليبى .

بناء القاعدة الصلبة

*من البديهيات الأساسية فى قتال أى عدو وطرد أى محتل وتحرير أى أرض أن تكون جبهة المقاومة والدفاع واحدة صلبة مجتمعة، إذ كيف يجاهد المسلمون بصف مهترىء ممزق لذا كان أول ما سعى عماد الدين لتحقيقه هو تكوين وبناء القاعدة الصلبة للمسلمين بتوحيد الجبهة الداخلية للشام، وربما كانت هذه المهمة هى أصعب مرحلة فى مراحل الانتصار .

بدأ عماد الدين زنكى بمدينة 'حلب فضمها إلى الموصل فى 1 محرم سنة 522 هجرية أى بعد شهور قليلة من ولايته على الموصل مما يوضح أن هذا الرجل الفذ كان يملك خطة شاملة ورؤية واضحة معدة سلفاً لحركته بأرض الشام، ولم يكن ضمة لمدينة 'حلب' بالشىء السهل فلقد ظل محاصراً لها عدة شهور قبل فتحها وكان عليها بعض الطامعين المتغلبين، ثم قام بعدها بضم مدينة 'حماة' فى السنة التالية 523 هجرية، ثم ضم مدينة سرجى ودارا ثم حصن الأثارب وكان بيد الصليبيين، ثم انشغل عماد الدين زنكى بالخلافات العنيفة بين الخليفة المسترشد والسلطان مسعود بل تورط فيها وذلك لعدة سنوات، ثم عاد بعدها لهدفه الأسمى وضم عدة قلاع للأكراد الحميدية والهكارية وقلعة الصور وواصل سعيه حتى استقامت له ديار بكر وإقليم الجبال سنة 528 هجرية .

*استقامت معظم بلاد الشام لعماد الدين زنكى عدا ما كان بيد الصليبيين ودمشق قلب الشام وحاضرته وقد حاول زنكى ضم دمشق سنة 529 هجرية بعد أن أرسل إليه أهلها يطلبون ذلك منه صراحة ولكنه فشل بسبب أحد المتغلبين عليها واسمه 'معين الدين أنر' .

أسد الشام

بعد أن تم لعماد الدين زنكى معظم ما أراد من تكوين القاعدة الصلبة، بدأ فى العمل الحقيقى والجهاد الأصيل ضد أعداء الأمة المحتلين لمقدساتها، وكان الصليبيون قبل مجىء عماد الدين زنكى يخططون للاستلاء على أرض الشام كلها ثم مصر بعدها، فلما جاء أسد الشام الجديد صار غاية سعيهم الحفاظ على ما تحت أيديهم .

*ولما ازدادت قوة عماد الدين زنكى وثقلت وطأته على الصليبيين فى الشام فكروا فى الاستعانة بإمبراطور القسطنطينية 'عمانوئيل' ورغم الاختلاف المذهبى بينهم فهم كاثوليك وهو أرثوذكسي إلا إنهم فى النهاية صليبيون فوافق 'عمانوئيل' على نجدتهم .

رجل المهام الصعبة

أصبحت بلاد الشام فى موقف حرج بالغ الخطورة فإمبراطور بيزنطة 'عمانوئيل' جاءها بجيوش جرارة سنة 532 هجرية واخترق أسيا الصغرى ولم يقدر أحد من سلاجقة الروم على إيقافه ثم استولى على مدينة 'بزاعة' وهى قريبة من حلب فغدر بأهلها بعد أن أعطاهم الأمان فقتلهم وسبى نساءهم ودخل أهل الشام رعب شديد من وقوعهم بين مطرقة امبراطور بيزنطة وسندان الصليبيين الفرنجة بالشام وهنا برز رجل المهام الصعبة .

بعد نظر وتمعن فى هذه النازلة العامة قرر عماد الدين زنكى العمل فى إتجاهين:ـ

1. الاتجاه الأول: مناوشة إمبراطور بيزنطة بشن حرب عصابات على معسكره باستخدام المجاهدين المتطوعين ضد الأعداء بالكر والفر وإظهار القوة والشجاعة وإرسال رسائل تهديد ووعيد لهذا الإمبراطور على الرغم من الفارق الضخم بين القوتين وذلك من أجل إرهاب البيزنطيين .

2. الاتجاه الثانى :فهو إيقاع الخلاف بين البيزنطيين والفرنجة، فلقد كان عماد الدين زنكى من دواهى العصر ذكاءاً وفطنة وحدة بصيرة فلقد استغل الخلاف المذهبى بين الأرثوزكس والكاثوليك للتفريق بينهما، فأرسل إلى إمبراطور بيزنطة يخوفوه من نكصان الفرنجة للعهود وأنهم يتربصون به فإن فارق مكانه الذى فيه 'قلعة شيراز' سيتخلفون عن نصرته ثم أرسل إلى الصليبيين الفرنجة يخوفهم من إمبراطور بيزنطة ويقول لهم إن ملك بالشام حصناً واحداً ملك بلادكم جميعاً .

ونجحت خطة عماد الدين زنكى ووقع الخلاف بين الطرفين وانسحب الإمبراطور من الشام وترك المجانيق وأسلحة كثيرة بحالتها غنمها المسلمون، وحرروا أسرى المسلمين، وارتفعت مكانة عماد الدين بين المسلمين وعظمت هيبته فى صدور الصليبيين وأثبت للجميع أنه رجل المهام الصعبة .

*وقد حاول بعدها فتح دمشق ولكنه فشل بسبب سياسة 'معين الدين أنر' المتحكم فى دمشق والتى كانت ستجلب وبالاً شديداً على المسلمين فتركها عماد الدين وضم شهر زور وأعمالها .

فتح الرها

تقع إمارة الرها فى منطقة الجزيرة وهى المنطقة الواسعة الواقعة بين العراق وسوريا، وقد فتحها المسلمون سنة 17 هجرية، و'الرها' من البلاد التى كان لها خصوصية عن البيزنطيين لأنها إحدى المدن الدينية عندهم وكانت تنتشر بها الكنائس والصوامع، وأيضا لها خصوصية عند المسلمين لكونها على حدود الدولة الإسلامية المشتركة مع الدولة البيزنطية، وكان الخلفاء دائمى الاهتمام بهذه المنطقة، ولكن مع ضعف الخلافة العباسية وخروج كثير من أجزاءها عن سيطرتها تعرضت منطقة الرها للعدوان المتكرر من البيزنطيين .

*وعندما انطلقت شرارة الحملات الصليبية احتل الصليبيون 'الرها' وأقاموا بها أول إمارة صليبية بأرض الإسلام وذلك سنة 492 هجرية .

*كانت الرها قريبة من الموصل وكان أميرها داهية صليبى اسمه 'جوسلين' ففهم من تحركات عماد الدين زنكى أنه يخطط لفتح الرها فعمد إلى تقوية دفاعاتها والمبالغة فى تحصينها وظل مقيماً فى الرها لا يفارقها أبداً رغم أن زوجته وأولاده بفرنسا ولكنه صبر فى فراقهم من أجل الدفاع عن الرها وهكذا يكون عزم الرجال وهمة القادة .

*كان عماد الدين زنكى يعرف قدر 'جوسلين' ودهائه وحنكته لذلك وضع خطة فى غاية الذكاء فهو كما يقولون [لا يفل الحديد إلا الحديد] فلقد أظهر عماد الدين أنه مشغول بحرب القبائل الكردية التى تسيطر على قلاع كثيرة فى منطقة ديار بكر 'جنوب تركيا الآن' وهى قبائل ذات نزعة إستقلالية ولا تقبل الإنضمام لصف عماد الدين زنكى لدواعى عصبية وقبلية، وبالفعل انطلت هذه الخدعة على 'جوسلين' الذى خفف من شدة التحصينات وتراخى فى دفاعاته حتى أنه قد سافر لزيارة أهله فى فرنسا، وكان عماد الدين زنكى قد بث العيون التى ترافع له الأخبار ليل نهار فلما علم مغادرة 'جوسلين' وتراخت الدفاعات، نادى فى معسكر جيشه بالاستعداد للهجوم على الرها .

*كان عماد الدين من أشجع الناس وأقواهم وأجرؤهم فى القتال لايجاريه أحد من جنده فى ذلك، وقبل القتال وضع عماد الدين مائدته للطعام وقال [لا يأكل معى على المائدة إلا من يطعن معى غداً باب الرها] وهى كناية عن شدة القتال والشجاعة لأن طاعن الباب يكون أول فارس فى الجيش يصل لباب المدينة ولا يفعل ذلك إلا أشجع الناس، فلم يجلس معه على المائدة إلا صبى صغير فقيل له :ارجع مما أنت فى هذا المقام، فقال له عماد الدين زنكى القائد المربى القدوة الذى يعرف كيف يحمس الشباب والنشء ويحفز طاقاتهم [دعوه فوالله إنى أرى وجهاً لا يتخلف عنى] وبالفعل أثمرت هذه الكلمات عن طاقة جبارة عند الصبى فكان أول طاعن وأول بطل فى هذه المعركة وفتحت المدينة فى 6 جمادى الاخرة سنة 539 هجرية وكان لفتحها رنة شديدة فى العالمين الإسلامى والصليبى، فلقد كان أعظم إنتصار حققه المسلمون على الصليبيين منذ دخولهم للشام منذ خمسين سنة، وأعاد ذاكرة الانتصارات لهم وسرت روح جهادية كبيرة عند المسلمين بعدها وعادت لهم الثقة وتغلبوا على الهزيمة النفسية تجاه الصليبيين والتى أقعدتهم عن السعى للتحرير عشرات السنين .

*أما الصليبيون فقد نزلت بهم أعظم المصائب وفقدوا أهم إمارة صليبية لهم بالمنطقة، ولقد قاموا بحملتهم الصليبية الثالثة على الشام سنة 543 هجرية لاسترجاع الإمارة ولكنهم فشلوا .

الأبطال لا يقتلون إلا غدراً

إن الأسود لا يقتلون إلا فى الظلام وإن الأبطال لا يُنالون إلا بالغدر والخيانة، وتلك هى المأساة الكبيرة التى عانت منها أمة الإسلام على مر عصورها، فكلما ظهر فيها بطل أو قائد أو داعية أو عالم فى الشرع أو فى فرع من فروع العلوم أو نبغ أحد فى أى مجال من المجالات التى ستحقق خيراً ونفعاً للمسلمين فإن أعداء الأمة والدين يعملون على إزاحة هذا النابغة بشتى الوسائل إما بالاغراء والإستقطاب أو بالسجن والنفى أو بالقتل والغدر، وثبت الأبطال والأفذاذ الذين قتلوا غدراً طويل وممتد منذ عهد النبى صلى الله عليه وسلم حتى وقتنا الحاضر .

*بعد الإنتصار العالمى فى 'الرها' ضاقت السبل على أعداء الإسلام وأصبح كيانهم الصليبى بالشام والذى بنوه فى خمسين سنة فى خطر حقيقى فى ظل وجود هذا الأسد الرابض، وبعد أن أعيتهم الحيل فى ميادين القتال وصار ينتصر الأسد عليهم فى كل موطن، قرروا اللجوء إلى سلاح الغدر والخيانة والأيدى القذرة التى لا تعمل إلا فى الظلام .

*فكر الصليبيون فى كيفية التخلص من عماد الدين زنكى وبعد تفكير وتقليب فى من سيقوم بهذه المهمة قرروا إسناد مهمة الإغتيال لمجرمين محترفين مأجورين متخصصين فى هذا الطريق وهم الحشاشون وهى فرقة باطنية وإحدى الفرق الشيعية وقد أسسها رجل اسمه الحسن الصباح بعد أن تعلم الزندقة والإلحاد فى مصر أيام المستنصر الفاطمى ولما عاد إلى الشام أسس هذه الفرقة التى تعتمد على الإغتيال والغدر مقابل الأموال والضياع، وكان الباطنية أشد ضرراً وخطراً على المسلمين من الصليبيين واليهود .

*وبالفعل وفى 6 ربيع الآخر سنة 541 هجرية والبطل الفذ عماد الدين زنكى يحاصر أحد القلاع المطلة على نهر الفرات واسمها 'قلعة جعبر' قامت مجموعة من الباطنية بالاتفاق مع الصليبيين بعد أن قبضوا الثمن بالتسلل إلى معسكر عماد الدين زنكى واندسوا بين حراسه وفى الليل دخلوا عليه خيمته وهو نائم وقتلوه رحمه الله وهكذا مات البطل وترجل الفارس وحط الراكب بعد حياة طويلة كلها جهاد وكفاح ونصرة للإسلام وأهله وبعد أن أحيا ما كان مندثراً وأعاد ما كان مفقوداً ووضع الأساس المتين لمن جاء بعده فرحمه الله رحمة واسعة وغفر له ما كان من خطايا وزلات .

*واسمع ما قاله عنه المؤرخون قال ابن الأثير فى وصفه [كان شديد الهيبة فى عسكره ورعيته عظيم السياسة لا يقدر القوى على ظلم الضعيف وكانت البلاد قبل أن يملكها خراباً من الظلم وتنقل الولاة ومجاورة الفرنج، فعمرها وامتلأت أهلاً وسكاناً، وكان أشجع خلق الله ] .

*وقال عنه ابن كثير [وقد كان زنكى من خيار الملوك وأحسنهم سيرة وشكلاً وكان شجاعاً مقداماً حازماً خضعت له ملوك الأطراف وكان من أشد الناس غيرة على نساء الرعية وأجود الملوك معاملة وأرفقهم بالعامة ].

** ولعل أكثر ما تميز بع عماد الدين زنكى عن قادة زمانه هو فهمه لحقيقة المشكلات التى تعانى منها الأمة الإسلامية وإحساسه بالمسئولية تجاه أمته وإيثاره لمصلحتها على مصلحته الخاصة وعمله بمقتضى ما يجب عليه وقتها، لذلك فاق ملوك زمانه وعلا ذكره عنهم، ويكفيه فخراً أنه قد خلف ورائه بطلاً عظيماً مثله وزيادة هو نور الدين محمود .

*وقد لقب الناس عماد الدين زنكى بالشهيد لحرصه على طلب الشهادة فى كل لقاء مع الأعداء حتى قدرها المولى جل وعلا له فى آخر السعى .

ــــــــــــــــــــــــ

المراجع والمصادر :

الكامل فى التاريخ / البداية والنهاية / سير أعلام النبلاء / شذرات الذهب / البرق الشامى / الروضتين فى تاريخ الدولتين / وفيات الأعيان / الطريق إلى بيت المقدس / محاضرات الدولة العباسية / المنتظم / النجوم الزاهرة .

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة © الماسة