لقد عالج الإسلام الخطيئة بدون صلب أو قتل أو إراقة دم . نعم لقد أغوى الشيطان آدم وزوجته فأكلا من الشجرة التي نهاهما الله عن الأكل منها . قال تعالى :)وقلنا يا آدم أسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغداً حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين*فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين*فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم ((295) هكذا عالج الله عز وجل الخطيئة ، ندم آدم ، فتاب،فغفر الله له ذلك الذنب،قال تعالى :)ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى ((296) وانتهت الخطيئة بالتوبة.أما القول بتوارث خطيئة آدم جيلا بعد جيل إلى أن جاء المسيح؛ فصلب من أجل أن ترتفع الخطيئة عن البشر التي أرتكبها آدم u فإذا كانت خطيئة آدم احتاجت إلى فداء لتمحى ، فكيف تمحى تلك المعاصي العظيمة التي ارتكبت بعد موت المسيح u وكانت أعظم من خطيئة آدم ،فكم من ملحد لم يؤمن بالله أصلأ وكم من مجرمين وفسقه كم ...وكم ...
فهل ورثت الأجيال ذرية هؤلاء تلك المعاصي؟!!
الجواب : حسب عقيدتكم نعم ، وعلى هذا لا بد أن يُنـزل الله ابنه في كل وقت ليصلب حتى يتخلص ذرية هؤلاء من الخطيئة فيجتمع عدل الله مع رحمته كما تدعون !!
جميع الأنبياء لم يذكروا توارث الخطيئة:
إن جميع الأنبياء السابقين ، ليس فيهم من ذكر خطيئة آدم وتوارثها ، ولم يسأل أي نبي الله سبحانه وتعالى أن يغفر له هذه الخطيئة التي ورثها عن آدم ، فلماذا تفرد بها عيسى u ؟!
الجواب : لأنها ليست عقيدة من الله ، وإنما جاءت من عقائد وثنية " فكل ما قيل وسمع عن المسيح والخطيئة والصلب والخلاص والفدية ، كلما قيل موجود في الديانات الهندية القديمة ، قال الهنود عن " فشنو" و" براهما" و"كرشنا".وقاله البوذيون عن "بوذا " ، وقاله المصريون ، والفرس ، واليونان عن آلهتهم القديمة أيضاً،يعتقد الهنود أن " كرشنا" المولود الذي هو نفس الإله " فشنو" الذي لا ابتداء له ولا انتهاء تحرك حنوّاً كي يخلص الإنسان بتقديم نفسه ذبيحة عنه.وهذا نص دعاء هندي يتوسلون به:"إني مذنب ومرتكب الخطيئة وطبيعتي شريرة، وحملتني أمي بالإثم، فخلصني ياذا العين الحندوقية، يا مخلص المخطئين من الأثام والذنوب" (297)
فالوثنيات القديمة هي أصل هذا الاعتقاد عند النصارى ،ولذلك نجد أن تحول كثير من أصحاب الديانات الوثنية إلى المسيحية ، كان سهلاً بسبب التشابه الكبير بين أصول تلك العقائد مع العقائد المسيحية.
أما العقائد الإسلامية فلم تجاري العقائد النصرانية الباطلة، بل حدد القرآن المواقف تحديداً واضحاً حيث نفى القول بالصلب نفياً قاطعا ً ، فقال عنه :)وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله ، وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا أتباع الظن وما قتلوه يقيناً* بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزاً حكيما((298) ولو أن القرآن كان من عند غير الله ، وأن بشراً من الأرض قد افترا كذباًَ على الله وادعى أنه أوحي إليه ، أما كان الأولى به والأيسر لرواج دعوته أن يقول بصلب المسيح ، باعتبار ذلك شائعاً ومعروفاً بين الناس. وفي تلك الحال فإنه يستميل النصارى إليه ويقلل من المشاكل والعقبات التي تعترض قبولهم الإسلام"(299) ولكن القرآن محفوظ كما نـزل من عند الله ،لان الله سبحانه وتعالى قد تكفل بحفظه،وقال تعالى :)ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيراً((300)، ولكن القرآن لا يوجد فيه أي اختلاف أو تناقض واحد عكس التوراة والإنجيل التي تعج بالاختلافات والمتناقضات ،وإدخال عقائد غير سماوية إليها فأفسدتها، فإنك تجد أدلتهم ضعيفة واهية ومتناقضة. ومن يقل غير هذا فنقول له كما قال تعالى : )قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين((301)، ولكنك ستجد أدلتهم وبراهينهم التي يقدمونها لا تسمن ولا تغني من جوع ... هذا فضلاً عن عدم منطقيتها و إلا كيف يحرم الله سبحانه وتعالى سفك دماء البشر، ثم يرسل أبنه ليسفك دمه البشر، وكيف يغفر الله خطيئة بخطيئة أكبر وأعظم، بل وإنها تتناقض مع مبدأ العقاب والثواب "النفس التي تخطيء هي تموت"(302)،وليس نفساً أخرى ، والخلاص بالصلب يناقض عقيدة المسيحيين في إيمانهم بوجود جهنم يوم القيامة "(303)
وإن كان المسيح u ، جاء ليخلص البشر من خطيئة لم يرتكبوها ، فإن اليهود والجنود الرومان والواشي به يهوذا الأسخريوطي هم أعظم البشر براً بالله،لأنهم سعوا إلى تنفيذ إرادته في الصلب ، وإلا لزم أن الصلب خطيئة أكبر وأفضع من خطيئة آدم u.
وأحب أن أنوه هنا إلى أن البابا يوحنا اليوم قد برأ اليهود من دم المسيح u حتى يتم تقارب كبير بين اليهود والنصارى ، وهذا ليس إلا تحريفاً جديداً يحدث في أيامنا هذه ، فما أسهل نقض العقائد عند المسيحيين.
ويعتقد المسيحيون " أن الصلب لحق بجسم عيسى المتخذ من آدم وأن النصف اللاهوتي لم يلحقه الصلب، وأن مخالفة ذلك عندكم كفر . فإذا كان هذا ، فإلى الآن لم ينتقم الله ، ولا أنتصف من إله مثله"(304).
إن المسيحيين يضللون على أنفسهم وعلى الناس بهذه العقيدة، فالناس هالكون بسبب حملهم خطيئة آدم منذ ولادتهم، ولن يخلصهم من ذلك إلا الإيمان بأن المسيح ما جاء إلا ليخلصهم من تلك الخطيئة ، والتي أثقلت كاهلهم وأودت بهم إلى الجحيم. فما عليه إلا أن يؤمن بالخلاص وجميع ذنوبه مغفورة.
يقول"T.E.ABRIGO":"كنت أعتقد أنه لا يوجد عقيدة على الأرض تضمن الخلاص للبشرية كما ضمنه الدين المسيحي"(305) ولكني أدركت الآن أن الدين المسيحي عظيم في مظهره واهٍ في جوهره"(306) .
(295) البقرة:آية (35-37).
(296) طه (122).
(297) حوار صريح بين عبد الله وعبد المسيح، د/عبد الودود شلبي،ص(36-37).
(298) النساء :(157-158).
(299) مناظرة بين الإسلام والنصرانية،ص(63).
(300) النساء (82)
(301) النمل (64).
(302) حزقيال،(18/20)
(303) متىّ(25/41)".
(304) بين الإسلام والمسيحية، د/محمد شامة،ص(173).
(305) ألوهية المسيح د/محمد حسن عبد الرحمن، ص(7).
(306) ألوهية المسيح د/محمد حسن عبد الرحمن،ص(145).
ليست هناك تعليقات:
لا يسمح بالتعليقات الجديدة.