الأمير المجاهد ترونوجويو - نمر إندونيسيا الثائر

image

إندونيسيا

مقدمة :

مفكرة الإسلام : يروج دائما أعداء الإسلام من المستشرقين وغيرهم ممن فتن بقولهم وسار على دربهم من أبناء جلدتنا وذوى ألسنتنا، بأن الإسلام ما انتشر في ربوع الأرض إلا بحد السيف، وأن المسلمين قد أجبروا الناس إجباراً على دخول الإسلام وفرضوه عليهم قسراً وجبراً بعد انتصارهم وفتحهم للبلاد، وهذه الفرية السمجة الرد العلمي عليها أسهل ما يكون، وكذلك الرد التاريخي والعملي إذ كيف دخل الإسلام إلى هذه الأصقاع البعيدة النائية والتي بينها وبين أرض المسلمين بحار وقفار ومفاوز يهلك المرء دونها ؟ كيف دخل الإسلام إلى إندونيسيا وماليزيا والفلبين والصين وكيف قفز الإسلام إلى قلب روسيا وأقاصي سيبريا ؟ لقد استخدم المسلمون السيف عندما وجدوا الطغاة يحولون دون إبلاغ الدين وإسماع الناس لدعوة الحق، عندها يرفع المسلمون سيوفهم ليزيلوا الطغاة ويمهدوا الطريق أمام الدعاة لهداية الناس، وإذا كانت البلاد أصلاً مفتوحة وممهدة وحكامها ولو كانوا كافرين يسمحون للدعاة بحرية الحركة والدعوة عندها لا حرب ولا سيف، فسلطان الإسلام ونور القرآن وهداية السماء وقوة الوحي ستفتح وحدها مغاليق القلوب وتنير الأبصار وتهدى النفوس .

انتصار الحق وزهوق الباطل وينسى مادون ذلك غبطة بنصرة الإسلام وارتفاع راية التوحيد فإن هناك فاتحين من نوع أخر ومجاهدين لا يقل دورهم روعة عن الآخرين في خدمة الإسلام والدفاع عنه، ونحن في هذا المقام نحيى مواتهم برفع ذكرهم ليعلم أبناء الإسلام الآن كيف كان أجدادهم .

الإسلام يدخل إندونيسيا

لا يعلم على وجه اليقين متى دخل الإسلام إلى إندونيسيا وذلك لأنها منقسمة لعدة جزر كبيرة [جاوة وسومطرة وبورنيو]، وكان المؤرخون القدامى من العرب كالمسعودي في كتابه 'مروج الذهب' يطلقون عليها اسم جزر المهراج، ولقد دخل الإسلام إلى هذه الجزر عن طريق التجار المسلمين الذين لم يكونوا يعملون فقط في التجارة بل كانوا في الأصل دعاة للإسلام ثم اشتغلوا بالتجارة ليسهل تنقلهم بين البلدان، وقد جاء تجار مسلمون من عمان وحضرموت وآخرون من الكوجرات بالهند ونزلوا على سواحل 'سومطرة وجاوة'، وكان أهل الجزر قبل الإسلام وثنيين أغلبهم هندوسي .

دخل الإسلام إلى جزيرة سومطرة أولاً إنطلاقاً من إقليم 'إتشيه' ثم دخل بعدها إلى جزيرة 'جاوة' بعد جهود طويلة ومثابرة من الدعاة الذين نقلوا الجاويين من الوثنية إلى الإسلام وكان للشيخ إبراهيم المتوفى سنة 1419 ميلادية ـ 822 هجرية دور كبير في الدعوة الإسلامية هناك حيث تمكن هو وتلاميذه من نشر الإسلام في كل بيت في 'جاوة' وذلك بعد صراع كبير وعنيف مع الهندوسية الوثنية

وقد أسس المسلمون عدة ممالك في الجزر الإندونيسية منها :

مملكة برلاك في سومطرة وهى التي زارها الرحالة ابن بطوط سنة 746 هجرية .

مملكة بنتام في غربى جاوة وقد أسسها السلطان 'حسن الدين'عام 976 هجرية .

مملكة ديماك في وسط جاوة وقد أسسها رمضان فاطمي عام 832 هجرية .

مملكة بالمبانغ في جنوبي سومطرة وقد أسسها السلطان عبد الرحيم عام 1058 هجرية .

مملكة آتشيه في شمال سومطرة وهى أقدم وأقوى الممالك الإسلامية بإندونيسيا .

مملكة متارام في شرقي جاوة وهى التي سيدور على أرضها أشد حلقات الصراع بين الإسلام والمسلمين ضد الاحتلال الهولندى وأعوانه من خونة المسلمين .

الاستعمار الصليبي في إندونيسيا

في الوقت الذي بدأ المسلمون في تثبيت أقدامهم وممالكهم بإندونيسيا كان المحتل الصليبي ينشب مخالبه في سواحل الجزر، فلقد احتل البرتغاليون 'مالاقا'سنة 917 هجرية ثم سيطروا على شمالي سومطرة سنة 928 هجرية ووصلوا إلى جزيرة 'سيلبيس'سنة 947 هجرية وقد قاوم المسلمون مقاومة شديدة وعنيفة ضد المحتل الصليبي الذي صعق عندما رأى بهذه الجزر البعيدة في وسط المحيط مسلمين موحدين بالله فأنزل مذابح فظيعة بالمسلمين وقتلوا سلاطين المسلمين بالغدر والخيانة .

ثم جاء المحتل الهولندي إلى سومطرة وجاوة وطرد المحتل البرتغالي والإسباني من الجزر بالتعاون مع أهل البلاد المسلمين في تحالف ضمني ضد البرتغاليين وذلك سنة 1005 هجرية ثم ما لبث المحتل الهولندى أن أثبت أنه لا يقل صليبية وحقداً عن سابقه ودخل الهولنديون في معارك طاحنة ضد الممالك الإسلامية خاصة مملكة متارام التي يجب أن نتوقف عندها قليلاً لنعرف كيف قامت هذه المملكة .

مملكة متارام وعقيدة 'الأبنجان'

كانت مملكة 'متارام' مملكة قائمة في شرقي جزيرة 'جاوة' وكان ملوكها على الهندوسية الوثنية، فلما دخل الإسلام الجزر وعم جزيرة جاوة كانت هذه المملكة هي معقل المقاومة الهندوسية ضد الدعوة الهندوسية ضد الدعوة الإسلامية، حتى غلب الإسلام وأسلم أحد ملوكها واسمه 'سنافاتى' وعمل على نشر الإسلام وذلك سنة 991 هجرية، وقام هذا الملك المسلم بتوحيد جزيرة 'جاوة' كلها تحت حكمه وكاد أن يتم له الأمر لولا أن اتخذ سياسة إبقاء الممالك الصغرى ذات استقلال ذاتي، وتخضع لسلطانه، فكان حكامها يظهرون له الطاعة ويضمرون الغدر، فما أن وافته منيته حتى أعلنوا العصيان على المملكة واندلعت الحروب بين هذه الممالك .

وفي هذه المملكة ظهرت جماعة عقيدة 'الأبنجان' وهى عقيدة تجمع بين الإسلام والهندوسية في خليط بين الشعائر الإسلامية مع الهندوسية الوثنية، وقد أراد بها كهنة الهندوسية محاربة الإسلام وخداع المسلمين البسطاء تحت مسمى التوحد والتقرب بين المسلمين والهندوس ضد المحتل البرتغالي ثم الهولندي، وهذا يذكرنا بما فعله سلطان الهند 'أكبر شاه' عندما اخترع عقيدة 'السيخ' ومزج فيها بين الإسلام والهندوسية والبوزية والمجوسية وسائر العقائد الوثنية الهندية القديمة ليسهل له حكم بلاد الهند كلها، لذلك هناك تشابه كبير بين عقيدة الأبنجان الإندونسية وعقيدة السيخ الهندية وكلاهما كفر وضلال وزندقة، وقد اعتنق حكام مملكة متارام هذه العقيدة فترة من الزمن ودخلوا في حرب كبيرة ضد الشعب المسلم في 'جاوة' من أجل فرض هذه العقيدة الضالة .

ظهور البطل ترونوجويو

كل مسلمي جاوة صحيحو العقيدة على مذهب أهل السنة والجماعة، يتبعون الإمام الشافعي في الفقه، في غاية التمسك والاعتزاز بدينهم، عملوا منذ بداية ظهور عقيدة الأبنجان الضالة على التوحد فيما بينهم والتصدي لهذه البدعة الخبيثة مما أدى لحصرها في دائرة ضيقة جداً في متارام لمتستطع الخروج عنها، مما جعل ملوك هذه الإمارة يعملون على فرض هذه العقيدة بالقوة على الناس والتعاون مع المحتل الهولندي من أجل تحقيق هذا الهدف الشرير .

وقد بلغ التعاون بين الهولنديين وملوك متارام ذروته في عهد [منكورات الأول] الذي حكم المنطقة من عام 1645 حتى 1677 ميلادية / 1054 حتى 1087 هجرية، وكان منكورات هذا طاغية ضال على عقيدة الأبنجان، حكم المنطقة بعد وفاة والده 'سلطان أقغ' فكان ظالماً يحكم بيد من حديد لأجل توحيد 'جاوة' مرة أخرى كما فعل 'سنافاتى' من قبل سنة 991 هجرية .

وقد أقدم على نشر عقيدة الأبنجان بين المسلمين ليوافق الهندوس على التوحد معهم ولكن علماء المسلمين وقفوا ضد هذه المحاولات الشريرة فأقدم منكورات على قتل كثير منهم، وأراد أن يهدم منار الدين ويطفئ شعائره، وعندها ثار بطلنا العظيم والزعيم الديني لعلماء جاوة [ترونوجويو] وذلك سنة 1083 هجرية ـ 1674 ميلادية .

راية الجهاد

كان الأمير 'ترونوجويو' من إحدى البيوت الحاكمة في 'متارام' وفي نفس الوقت كان من علماء الدين ذا إيمان راسخ وبصيرة نافذة وسلامة قصد وقد هاله ما جرى للدين وأهله على يد الطاغية 'منكورات الأول' من ترويج للكفر والضلال وتقتيل لعلماء الإسلام، وغار على الدين أن ينتقص وهو حى وما أشبه ذلك بموقف أبى بكر الصديق رضي الله عنه في حرب مانعي الزكاة وهكذا ينبغي أن يكون قلب المؤمن وشعوره تجاه مصاب دينه .

كان الأمير [جكرا ننقرات الثانى] حاكم منطقة 'مدورة' وهى إحدى ولايات إقليم متارام، وكان في نفس الوقت عم الأمير المجاهد 'ترونوجويو'، وكان [جكرا ننقرات] موالياً لمنكورات مقيماً عنده في متارام بصورة دائمة، مهملاً لشئون مدورة، وكان ترونوجويو حزيناً لبقاء عمه مع الطاغية، خاصة وأنه يرى الناس شديدي السخط والكره لعمه على إقامته مع الطاغية منكورات، لذلك اجتمعت كل العوامل والأسباب عند الأمير ترونوجويو للثورة ضد الطغيان خاصة وأن أهل جاوة جميعاً وقفوا وراءه وعضدوه .

اتحاد الجيوش الإسلامية

ما إن قام الأمير المجاهد [ترونوجويو] برفع راية الجهاد والثورة ضد الطاغية الضال 'منكورات' حتى تجلت في هذه الثورة كل معاني الأخوة الإسلامية بأجلى معانيها حيث توافد المجاهدون من كل نواحي إندونيسيا ليس من جاوة ومدورة وحدها، بل من سومطرة والملايو، وقد هاجروا من بلدانهم لنصرة الإسلام .

اكتسبت الثورة دعماً قوياً عندما انضمت قبيلة 'مكاسر' للثورة وهى أكبر قبيلة إندونيسية وأهلها هم من أشجع مسلمي هذه الجزائر وأشدهم تمسكاً بالعقيدة الصحيحة، وكانت هولندا الصليبية عندما احتلت جزيرة سومطرة قد وجهت كل حربها ضد هذه القبيلة حتى أجبروا أهلها على الهجرة من موطنهم الأصلى، فانتقلت هذه القبيلة إلى جاوة وأصبحت عوناً لكل من يقف في وجه المحتل الصليبي، وقد قام الزعيم الأكبر للقبيلة واسمه 'كاريج فاليسون' بنصرة 'ترونوجويو' ودعمه، بل أقنعه أن يخلع عمه 'جكراننقرات' الموالى للطاغية منكورات، وبالفعل أصبح الأمير ترونوجويو والياً على مدورة وأطاعه الناس.

بدت هذه الثورة كمعلم وإشارة على الوحدة الإسلامية بإندونيسيا، وجسمتها في أجمل معانيها [التعاضد والتناصر] ، وقد قامت سلطنة 'بانتم' في غربي جاوة وسلطانها أبو الفتح عبد الفتاح بمساعدة الأمير ترونوجويو وأمدته بالسلاح وبالمال وبالرجال وفتحت باب التطوع لمن أراد الالتحاق في صفوف المجاهدين، وهكذا عمت الثورة الإسلامية في جميع أنحاء جاوة وذلك سنة 1083 هجرية ـ 1674 ميلادية .

الإنتصار الأول

بدأت الثورة في القيام عندما خلع أهل مدورة واليهم الظالم 'جكرا ننقرات' ونصبوا مكانه ابن أخيه الأمير المجاهد 'ترونوجويو' ثم قامت قبيلة 'مكاسر' بقطع تصدير محصول الأرز للمحتل الهولندي الذي كان قد أنشأ له مستعمرة في سومطرة أطلق عليها اسم 'بتافيا' وهو اسم إحدى القبائل الهولندية وهذه المستعمرة قد أصبحت بعد ذلك 'جاكرتا' العاصمة .

جهز الهولنديون جيشاً سار مع جيش متارام العميل إلى مدينة 'ديموج' مركز قبيلة مكاسر، وكان الأسطول الهولندى في البحر مسايراً للجيوش البرية مناصراً لحركاتها وذلك سنة 1085 هجرية ـ 1676 ميلادية، واستعد المكاسريون الذين بايعوا ترونوجويو على الجهاد في سبيل الله ونصرة الإسلام للصدام مع هذا العدوان المزدوج من البر والبحر .

وبعد سلسلة معارك حامية وعنيفة بين الطائفة المؤمنة والطائفة الكافرة بفرعيها الأصلي والمنافق، أنزل الله عز وجل نصره على المؤمنين وخذل المنافقين والكافرين، ومزق المسلمون هذه الجيوش البرية والبحرية كل ممزق .

بعد ذلك الانتصار الأول الباهر للمؤمنين على الهولنديين والمنافقين من متارام قام زعيم المكاسريين 'كاريج فاليسون' بضم جيشه إلى جيش ترونوجويو وتكونت جبهة واحدة من جيوش أهل السنة والجماعة ضد المحتل الصليبي الهولندي ومتارام المساعدة لهم والقائمة بخطة نشر عقيدة الأنبجان الضالة بين مسلمي إندونيسيا .

عزة المجاهد

بعد الهزيمة الساحقة التي نالتها هولندا على يد المجاهدين والتي أدت لتمزيق جيشها وأسطولها عمدت هولندا لاستخدام سلاح المفاوضات، فلقد عرضت هولندا على ترونوجويو فتح باب التفاوض وعرضوا شروطاً مغرية على المجاهد من أموال وإقطاعات وولايات ظناً منهم أن هذا المجاهد البطل ما قام بثورته إلا طمعاً في الدنيا فهم لا يعلمون أن المجاهد المخلص لا يبغى من وراء جهاده سوى وجه الله ونصرة الدين فلا دنيا تهمه ولا منصب يغره ولا مال يفتنه .

جاء رد البطل ترونوجويو على هذا العرض الدنيوي الدنيء بصورة عملية جهادية، وإذ أمر جيوشه المتحدة بالتوجه إلى شرق جاوة حيث عقر مملكة متارام، وما كادت هذه الجيوش تدخل متارام حتى أقبل الجاويون المجاهدون من كل أنحاء الجزيرة الشاسعة وانضموا لهذه الجيوش، وحاول جيش متارام العميل بالتعاون مع الجيش الهولندي وقف هذا السيل الكاسح ولكنهم فشلوا واستولى المجاهدون على عدة مدن مثل 'دمك' و'سماراج' واهتز موقف متارام بشدة .

منكورات الخائن يبيع بلاده

بعد سلسلة الهزائم الكاسحة التي نالها الطاغية الضال منكروات على يد المجاهد ترونوجويو وأتباعه، وسقوط العديد من المدن بين المجاهدين، اشتعل قلبه غيظاً وحنقاً على البطل المجاهد حتى أقدم على خطوة ما يجرؤ عليها إلا خائن أصيل جمع بين الكفر والخيانة والحقد والكره والرغبة المجنونة في الانتقام، فلقد عقد منكروات مع الهولنديين معاهدة باع فيها جزيرة جاوة كلها للهولنديين وذلك نظير ماذا ؟ نظير أن يأتوا بترونوجويو حياً وذلك بعد القضاء على ثورته، مع العلم أنه سيتكلف بمصاريف حملة الهولنديين والتي لا تقل عن 1,7 مليون روبية، وذلك كله من أجل أن يشفي غليل قلبه الأسود المشحون بالكفر والضلال .

خاتمة السعادة

إن غاية ما يسعى له أي مجاهد في سبيل الله أن يرزقه الله عز وجل الشهادة، أو يقر عينه بالنصر والفتح، وهو لا يعرف سوى ذلك فإنه جهاد أو نصر أو استشهاد، وأعداء الإسلام رغم علمهم بكثير من حقائق الإسلام إلا أنهم لا يعلمون هذه الحقيقة بالذات .

حشدت هولندا كل جنودها وأساطيلها وجمعت كل قواتها وجواسيسها في جاوة ووجهت حرباً شاملة على جيش المجاهدين وتحملتا من أجل القبض على البطل ترونوجويو حياً خسائر ضخمة وفادحة وبعد سلسلة معارك ضارية في غابات جاوة استطاع أعداء الإسلام القبض على ترونوجويو حياً، وجيء به أسيراً إلى الطاغية منكورات المتعطش لسفك دم هذا المجاهد النبيل ومن شدة وجنون الانتقام قام منورات بقتل ترونوجويو بيديه ليشفي غليله ويروى ظمأ انتقامه الجنوني، والعجب أن ترونوجويو استقبل الموت بقلب ثابت وجنان جريء وهو يبتسم غير مبالي بالموت، استقبله وهو في غاية السعادة والسرور لأنه قد نال أعلى وأسمى ما يريد .

انتقام الإله

سبحان من لا يخذل أولياءه ومن لا يترك أصفياءه وينتقم لهم ممن عاداهم أو أذاهم فهو سبحانه جل وعلا يرى العالمين أعظم الآيات والبراهين على صدق طريق المجاهدين وعقباهم الحسنى، فلقد كانت ضحكات ترونوجويو وفرحه وهو يقتل بيد الطاغية منكورات سبباً لأعظم إنتقام، إذ أراد هذا الطاغية أن يشفي غليله بقتل ترونوجويو بنفسه حتى يرى الفزع والرعب والخوف في عيني البطل المجاهد وحتى يستمع إلى توسلاته ويستمتع بآهاته ودموعه وهو يطلب منه الصفح والعفو ولكن البطل يضحك و يفرح في منتهى السعادة وهو يقتل، فأدى ذلك لزيادة اشتعال الغيظ والحقد في قلب الطاغية منكروات، حتى طفح هذا الحقد والغيظ والكره على عقله بعد أن امتلأ به قلبه، فاختل عقل الطاغية في الحال وهام على وجهه وترك قصره وسلطانه الذي باع بلاده من أجله، وقضى ما بقى من عمره القصير في الأحراش مع الحيوانات لا يعي شيئاً ولا يعقل شيئاً ومات في أدغال جاوة وحيداً شريداً طريداً من الله ومن الناس والتحق في مزبلة التاريخ مع أقرانه من الخونة والطواغيت، في حين أثبت ترونوجويو نفسه في سجل الأبطال المجاهدين الشهداء بإذن الله عز وجل .

المراجع :

تاريخ الإسلام في بانتن / التاريخ الإسلامي مجلد 19

تاريخ آسيا المعاصر / المختار المصور

أطلس تاريخ الإسلام / تاريخ إندونيسيا

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة © الماسة