رسالة أخلاقية 2

رسالة أخلاقية  2

الحج في الإسلام تدريب للمسلم على التطهر والتجرد و الترفع عن زخارف الحياة و ترفها , و خضامها و صراعها. و لذا يفرض في الإسلام الإحرام ليدخل المسلم حياة قوامها التواضع و البساطة والسلام و الجدية والزهد في مظاهر الحياة الدنيا. ( الحج أشهرٌ معلوماتٌ فمن فرض فيهنَ الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال فى الحج).وحين تفقد هذه العبادات الإسلامية هذه المعاني و لا تتحقق هذه الأهداف تفقد بذلك معناها وجوهر مهمتها , و تصبح جثة بلا روح. فتقول عن الصلاة :{ من لم تنهه صلاته عن الفحشاء , فلا صلاة له كم من قائم ( أي الليل بالتهجد ) ليس له من قيامه إلا السهر.و في مجال الاقتصاد: نجد أن للأخلاق الإسلامية مجالها و عملها سواء في ميدان الإنتاج أم التداول أم التوزيع أم الاستهلاك فليس للاقتصاد أن ينطلق كما يشاء بلا حدود و لا قيود , دون ارتباط الاقتصاد بالأخلاق. ليس للمسلم أن ينتج ما يشاء و لو كان ضارا بالناس ماديا او معنويا.و ليس للمسلم في ميدان التبادل أن يتخذ بيع الخمر أو الخنزير أو الميتة أو الأصنام , تجارة.و ليس للمسلم أن يحتكر الطعام و نحوه مما يحتاج إليه الناس رغبة في أن يبيعه بأضعف ثمنه.
وليس للتاجر المسلم أن يخفي مساوئ سلعته وعيوبها.و في مجال التوزيع و التملك ,لا يجوز للمسلم أن يتملك ثروة من طريق خبيث .لهذا حرم الله الربا و الميسر, و أكل أموال الناس بالباطل , والظلم بكل صوره ,و الضرر والضرار بكل ألوانه.و في مجال الاستهلاك ,لم يدع الإسلام للإنسان حبله على غاربه , ينفق كيف يشاء , ولو آذى نفسه أو أسرته أو أمته , بل قيده بالاعتدال و التوسط.فقال تعالى :{ ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا ). و كلوا و اشربوا و لا تسرفوا , و إنه لا يحب المسرفين). كما ربط الإسلام الاقتصاد والأخلاق, ربط بها السياسة أيضا , فليست السياسة الإسلامية سياسة (ميكافيلية )ترى أن الغاية تبررالوسيلة أيا كانت صفتها بل هي سياسة مبادئ و قيم ,سواء في علاقة الدولة المسلمة بمواطنيها داخليا ,أم في علاقتها الخارجية بغيرها من الدول و الجماعات.أن الإسلام يرفض كل الرفض الوسيلة القذرة ولو كانت للوصول إلى غاية شريفة :إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا . في علاقة الدولة بمواطنيها يقول الله تعالى مخاطبا أولي الأمر في المسلمين: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها و إذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل , إن الله نعما يعظم به ,إن الله كان سميعا بصيرا.فأداء الأمانات بمختلف أنواعها المادية و الأدبية إلى مستحقيها , و الحكم بين الناس , كل الناس بالعدل , هو واجب الدولة المسلمة مع رعاياها. ولا يجوز للحاكم المسلم أن يحابى أحد أقاربه أو حاشيته . وفي علاقة الدولة بغيرها من الدول يجب عليها الوفاء بعهودها , و جميع التزاماتها , و احترام كلمتها يقول تعالى :{ وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الإيمان بعد توكيدها و قد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون.الحرب و الأخلاق: حتى الحرب في الإسلام تضبط الأخلاق .يقول تعالى :{و قاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين.
و يحذر من الغدر والتمثيل بالجثث و قطع الأشجار ,و هدم المباني , و قتل النساء و الأطفال و الشيوخ و الرهبان المنقطعين للعبادة والمزارعين المنقطعين لحراثة الأرض.و في معاملة الأسرى و ضحايا الحرب بعد أن تضع الحرب أوزارها , يجب ألا يُنسى الجانب الإنساني و الأخلاقي في معاملتهم. يقول تعالى في وصف الأبرار من عباده :{ويطعمون الطعام على حبه مسكينا و يتيما وأسيرا إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا.

 

جميع الحقوق محفوظة © الماسة