الدعوة إلى الله واجب كل مسلم ومسلمة فى كل زمان وفى زماننا هذا أوجب لما تتعرض له الأمة الإسلامية من هجمات شرسة من أعداء الله بقصد سلب جوهر الدعوة الإسلامية من نفوس المسلمين.
الدعوة إلى الله شرف عظيم لصاحبها (ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحآ وقال إننى من المسلمين).
الدعوة إلى الله ثوابها كبير وعظيم، وحديث رسول الله صلى الله عليه و سلم يقرر ذلك: (لأن يهدى الله بك رجلا واحدا خير لك مما طلعت عليه الشمس).
الدعوة إلى الله وإلى الطريق الصحيح من ألزم الأمور وسط هذا الخليط من الرايات والتيارات والتجهيل والتشكيك والتغريب والانحراف.
الدعوة إلى الله مرحلة هامة من مراحل العمل الاسلامى الجاد وهى مرحلة التعريف التى تسبق التكوين والتربية وهناك دعوة عامة فى المحاضرات والدروس ووسائل الإعلام كالكتاب والصحيفة والمجلة والشريط، وهناك الدعوة الفردية أيضا وهى لاتقل أهمية وهى التى سنخصها هنا ببعض التفصيل.
وسنجمل الكتابة فى أمرين: الأول يتصا بالمعاني والأسلوب والتدرج على هيئة مراحل. والثاني حول مميزات الدعوة الفردية وخصائص الداعى الذى يقوم بها.
أولا حول الأسلوب والمراحل
يلزم أن نعلم الواقع الذى عليه من ندعوهم إلى الله من المسلمين- فنحن نحصر هنا الحديث على دعوة المسلمين إلى الله ليس غير المسلمين- لأن المطلوب هو أن ننتقل بهم من الواقع الذى يعيشونه وما فيه من قصور فى فهم أو فتور في عمل أو تطرف أو غير ذلك إلى فهم الإسلام فهما كاملا سليما شاملا نقيا كما جاء به رسول الله صلى الله عليه و سلم وإلى معرفة متطلبات هذا الإسلام كاملة ثم كيفية تحقيق هذه المتطلبات على الوجه الأكمل الصحيح.
وبشىء من الدراسة والتحليل لمجتمعاتنا نجد أن ضعف الإيمان أو الإيمان المخدر فى النفوس مع عدم المعرفة السليمة لحقيقة هذا الدين والغزو الفكرى أيضا كل ذلك وراء هذه الحال التى عليها الكثرة من المسلمين و التي يسرت لأعداء الله تسخير بعض المسلمين لمحاربة الدين من حيث يشعرون أو لايشعرون.
ولا ينتظر وعى وحركة و عمل وإنتاج للاسلام من أمثال هؤلاء إلا إذا استيقظ الإيمان أولا في نفوسهم فيدفعهم إلى المعرفة والحركة والعمل و الرقى بالنفس فى مدارج العاملين الصالحين.
ولعله من المفيد أن ننبه إلى أن التزام الترتيب فى المدارج لازم وهام حتى لايؤدى عدم الترتيب إلى انتكاسة أو قعود، وسنبدأ الدعوة مع شخصر غافل لاه ونتدرج به مرحلة مرحلة من باب توضيح كيفية البدء مع مثل هذا الصنف، وفى الحقيقة هناك أفراد أفضل حالا و أقرب استجابة والأولى أن نبدأ به أولا اقتصادا فى الوقت والجهد.
إن كثيرا من المسلمين الذين شغلتهم الدنيا و ألهتهم عن عبادة الله وطاعته أشبه ما يكونون بقوم نائمين مستغرقين فى النوم، وهناك نار تقترب منهم وستلتهمهم إذا بقوا على حالهم.
ويوجد وسط النائمين بعض المستيقظين الذين يشهدون هذا المنظر ولا يملكون دفع هذه النار عن النائمين. فالواجب يملى عليهم أن يوقظوا النائمين ليتدارك كل واحد منهم حاله ويبتعد عن هذه النار، وأى محاولة لتحذيرهم من النار قبل ايقاظهم لاجدوى منها ولن يستجيبوا لأنهم نائمون لايسمعون هذا التحذير، فلابد من الإيقاظ أولا، ثم التحذير.
ولكن كثيرا ما يحدث عند إيقاظ نائم أن يطلب ممن يوقظه أن يتركه يسترسل فى نومه لأنه مستمع بالنوم ولا يريد أن يقلقه أحد. إنه يطلب ذلك وهو لازال نائما ولم يستيقظ لأنه لو استيقظ فعلا ورأى النار لسارع بالفرار منها، وإذا قال أنه قد استيقظ لايطمأن إلى هذا القول الا إذا اقترن بالحركة و الابتعاد، هكذا يكون حال الداعى إلى لله تعالى مع من يدعوهم إلى لله، فعليه أن يصبر على دعوتهم ويتحمل ماقد يصدر منهم نحوه من إساءة أو أذى ويحتسب ذلك عند لله مقتديا فى ذلك برسولنا الحبيب صلى الله عليه و سلم الأسوة الحسنة، فقد كان يدعو ويتعرض للأذى ويصبر ويستمر فى الدعوة ويقول: (رب اهد قومى فإنهم لا يعلمون). وفى هذا المعنى كان الإمام البنا يقول للاخوان المسلمين: كونوا مع الناس كالشجر يرمونه بالحجر ويرميهم بالثمر.