عاد الجدل على اشده مرة اخرى حول النقاب بعدما اصدر شيخ الجامع الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي قرارا يحظر النقاب في المدارس والمعاهد الأزهرية معتبرا أن النقاب عادة وليس عبادة.واشتدت الأزمة بعدما استغلت وزارة التعليم العالي قرار شيخ الأزهر وقررت هي الاخرى حظرا على النقاب في الجامعات والمدن الجامعية. وفجرت هذة القرارات موجة من الجدل بين من يرى احقية شيخ الأزهر في استصدار هذا القرار على اعتبار أن النقاب ليس من الدين كما افتى بذلك شيخ الأزهر وبين من يرى أن النقاب شريعة اسلامية في الأساس مهما اختُلف حولها وأنه من الواجب احترام حرية المنتقبات في ارتداء ما يحلو لهن.والغريب أن بعض من يرفض النقاب يرى نفسه حرا في رفضه كشكل وهيئة وكمعتقد .. فيما لا يرى أي حق للمنتقبات في اختيار ما يلبسن.والحقيقة أن قرارات شيخ الأزهر ومن بعده وزير التعليم العالي تذرعت بحجج واهية مثلما قال وزير التعليم العالي أن المجتمع لن يرحمه إذا حدثت أي حادثة بسبب النقاب.هناك من علماء المسلمين من قال ان النقاب واجب وبالتالي لا نستطيع ان ندعو المسلمات الى عدم ارتدائه لمجرد انه لا يعجبنا، فالأمر يتعدى كونه حرية شخصية الى كونه امرا شرعيا. قد نتفق أو نختلف مع نظرتنا نحو النقاب لكن هذا يجب أن يظل مجرد رأي شخصي لا يجب فرضه على احد. فمادام الأمر خلافيا لا يمكن فرض وجهة نظر دون الاخرى، فلماذا يرجح شيخ الأزهر الأراء التي تقول بأن النقاب ليس واجبا ويهمل الأراء الاخرى؟ فقد اختلف العلماء قديماً وحديثا في حكم النقاب على قولين:
الأول: يجب على المرأة ستر وجهها أمام الرجال الأجانب؛ لأن الوجه عورة، وهو مذهب الإمام أحمد، والصحيح من مذهب الشافعي. الثاني: استحباب النقاب، وهو مذهب أبي حنيفة ومالك، لكن أفتى علماء الحنفية والمالكية - منذ زمن بعيد - أنه يجب على المرأة ستر وجهها عند خوف الفتنة بها أو عليها.ويقول العلامة يوسف القرضاوى رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين: "أن أقل ما يمكن أن يقال في النقاب أنه جائز، وأن من قال بأن النقاب بدعة أو حرام فهو جاهل بأصول شريعة الله عز وجل". ولذا لا يمكن اعتباره عادة قديمة أو مخالف للشريعة وبالتالي منعه بقرار.
ويتبع القرضاوي بقوله: " الرأي الآخر الذي يقول بوجوب تغطية الوجه، قال به عدد من العلماء القدامى، وعدد من العلماء المعاصرين، ومن رأت أن تأخذ بهذا الرأي، وأن النقاب فريضة فلا يجوز لأحد أن ينكر عليها صنيعها، كما لا يجوز لها أن تنكر على من سترت جميع الجسد إلا وجهها".وكان الشيخ محمد سيد طنطاوي حينما كان مفتيا للديار المصرية يقول بأن المرأة من حقها أن تلبس النقاب كيفما تشاء فهذا من الكمال ولا أحد يستطيع أن يمنعها...ولما تولى منصب شيخ الأزهر قال بأنه عادة! ويرى الشيخ فرحات المنجي، وهو من علماء الأزهر، عدم فرضية النقاب شرعاً ولا النهي عنه أيضا، رافضاً استصدار أي فتوى أو قرار يمنع ارتداء النقاب إلا إذا صدر قرار يفرض ارتداء الحجاب "كما هو معمول به في إيران". وحتى لو ابتعدنا عن النقاب كأمر ديني ونظرنا اليه نظرة اخرى نجد أنه ليس من حق شخص أو دولة او حكومة او مفكر او جاهل . ليس من حق أحد ان يمنع أحد من ارتداء ما يراه مناسبا لعقيدته ورؤيته بناء على الدستور والقانون وحقوق الانسان. فالدستور المصرى ينص على:
- الإسلام دين الدولة ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع
- تكفل الدولة حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية.
- المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساون فى الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم فى ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة.
ومواد حقوق الانسان تنص على:
- لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين. ويشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته، وحرية الإعراب عنهما بالتعليم والممارسة وإقامة الشعائر ومراعاتها سواء أكان ذلك سرا أم مع الجماعة.
إن هذة الحرب المستعرة على النقاب ليست في الحقيقة سوى حرب على المحافظين أو الملتزمين من المسلمين، فمعركة النقاب اليوم قد تصبح غدا حربا على اللحية باعتبارها رمزا للتطرف وقد يخرج قائل فيقول أنها عادة عربية قديمة لا اصل لها في الدين!
أما إذا كان الغرض الحقيقي – كما يقول شيخ الأزهر – هو الحرب على "التطرف" ممثلا في النقاب فلماذا لا يحارب "التسيب" و"التفريط" ممثلا في التبرج وإذا كان بالإمكان إصدار قرار يفرض على الفتيات عدم ارتداء زي معين فلماذا لا نجبر الجميع على ذلك؟